يفسّر البعض كلمة صوفي بالأصل السامي لكلمة صوف، والذي كان يرمز في العصور القديمة إلى البدو، الرعاة، الذين يفصلون أنفسهم عن حياة المدينة والعبث اليومي ويسعون إلى الاتحاد مع الألوهية في الطبيعة.
والبعض الاخر يفسّر الكلمة بدقة في نطقها على أنها “صوفي” جذر اسم مدينة صفد، والتي تأتي من مجموعة قديمة من الصوفيين الجليليين المسموّن “صوفيّي المركبات”، الذين ساروا في جميع أنحاء الشرق الأوسط منذ آلاف السنين واعتادوا أن يقيموا احتفالات الترانس الإيقاعية بمساعدة التنفس والموسيقى والأسماء المقدسة.
التصوّف هو تعبير عن حكمة القلب القديمة وطريق المحبّة الناتجة من تلك الحكمة. ينظر الصوفيون إلى الطريق الصوفي على أنه رحلة القلب إلى الله.
فقط عندما يتم صقل القلب يمكن للمرء أن يرى فيه انعكاسات للعوالم العليا المخفية عن أعين الجسد والعقل.
نمت الصوفيّة بين مجموعة صغيرة من الناس الذين تم تسميتهم –
“هؤلاء الذين يسيرون في دروب الطريق الروحي”.
والذين اطلقوا اسم “الحبيب” على الله والحق
بسبب شهوتهم الشديدة وشوقهم إلى الألوهية.
جوهر الطريق الصوفي هو الاستسلام لله في المحبة والرغبة في رؤية التجسيد المطلق لله
في كل كائن بشري، حيواني، نباتي وجماد.
يعتقد الصوفيون أن الله خلق العالم كوحدة عمل واحدة تعمل في إطار قوانين منسجمة، من أجل الموازنة بين العطاء والتلقي، والهدف منه تقوية وحدة الفرد بالطريقة الإلهية.
هناك طرق عديدة لوصف ماهية "الصوفية" بالضبط وما معنى الكلمة، وجدنا أن هذه القصيدة الجميلة للرومي توصف، ربما بأفضل طريقة ، ماهية الصوفية بالنسبة لنا:
“لا أنا مسيحيٌّ، ولا أنا يهوديٌّ، ولا أنا مجوسيٌّ ولا أنا مسلمٌ،
ولا أنا شرقيٌّ ولا أنا غربيٌّ، ولا أنا بريٌّ ولا أنا بحريٌّ،
ولا أنا من عناصرِ الأرض والطبيعةِ، ولا أنا من الأفلاك والسماوات،
ولا أنا من التُّراب ولا أنا من الماء، ولا أنا من الهواءِ ولا أنا من النارِ،
ولا أنا من العرشِ، ولا أنا من الفرش، ولا أنا من الكون، ولا أنا من المكان!
ولا أنا من الهند، ولا أنا من الصين، ولا أنا من البلغار!
ولا أنا من أهل الدنيا، ولا أنا من أهل العقبی!
ولا أنا من أهل الجنة، ولا أنا من أهل النار!
ولا أنا من نسل آدم، ولا أنا من نسل حواء!
ولا أنا من أهل الفردوس، ولا أنا من أهل جنة الرضوان!
وإنما مكاني حيث لامكان، وبرهاني حيث لابرهان!
فلا هو الجسد ولا هو الروح، لأنني أنا في الحقيقة من روح الروح الحبيب“
جلال الدين الرومي
الصوفيّة في الإسلام
الصوفيّة او التصوّف هو مذهب إسلامي. عبر التاريخ كان معلمي الصوفية العظماء مسلمين تجاوزوا الاختلافات بين الأديان، في فهمهم لوحدة الله.
في الإسلام الصوفي، كانت هناك تطورات تقليدية وجذرية، واليوم ينجذب الكثير من الناس من الديانات الأخرى إلى الطريق الصوفي.
يمكن العثور على نقطة انطلاق مشتركة لجميع الصوفيين في “الأحاديث القدسية” ، وهي روايات شفهية منسوبة إلى النبي محمد الذي يتحدث فيها باسم الله.
وفقًا للتقاليد، يقول الله: “كنت كنزًا مخفيًا، أتوق ان يتم اكتشافي، وهكذا خلقت العالم لأجعل وحي ممكنًا”. ويضيف: “كل السماوات لا تسعني، ولا كل الأرض ولكن قلب عبادي المخلص يحتويني”.
لقد طور التقليد الصوفي طرقًا عديدة لفتح القلب واكتشاف الله بداخله – من خلال الموسيقى والرقص والشعر والقصص والمحادثات الروحية ومن خلال التواصل مع دليل ومشاركة الحب مع أصدقاء الدرب.
وهناك قول آخر للنبي محمد يلخص كل شيء: “من عرف نفسه علم ربه”.
جلال الدين الرومي
جلال الدين الرومي هو ظاهرة فريدة في عصرنا. فقد أصبح الشاعر والصوفي الفارسي والذي ولد في القرن الثالث عشر من أشهر الشعراء في أمريكا. في عالم فرّقت فيه معتقدات مختلفة البشرية، وحّدها الرومي بجسور من الحب.
إن أحاديث الرومي مباشرة وتروي عطش الروح والكون. لقد كرّس الرومي نفسه للألم الكبير الناجم عن انفصال الأديان، وترك لنا إرشادات توصلنا إلى أعماق جذور الروح، تلك التي تعترف بطبيعتنا الأصلية على أنها حب رائع وعظيم، حب يشمل الأسرة البشرية بأكملها.
يذيب الحب كل أسماء الله – في الحضن النقي الاولي والرحيم – ذلك الذي يكتب عنه الرومي في شعره.
إنها الدافع لقصة حياته، ويعيش ملايين الصوفيين بإيحاء منها.
كُتب شعر الرومي في بداية الألفية السابقة، لكن أي شخص يبحث عن صديق حقيقي هنا والآن، سيجد في شعر الرومي تواصل مع طبيعة الحب والطريق إلى السكون والحريّة.